روضة صلاح الدين الدسوقى التجريبى لغات
مرجاً بك في منتداك نرجو منك التسجيل
روضة صلاح الدين الدسوقى التجريبى لغات
مرجاً بك في منتداك نرجو منك التسجيل
روضة صلاح الدين الدسوقى التجريبى لغات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

روضة صلاح الدين الدسوقى التجريبى لغات

للجودة والاعتماد
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المناخ الاسرى السليم وسيماته

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
eman mohamed

eman mohamed


المساهمات : 64
تاريخ التسجيل : 13/12/2009

المناخ الاسرى السليم وسيماته Empty
مُساهمةموضوع: المناخ الاسرى السليم وسيماته   المناخ الاسرى السليم وسيماته I_icon_minitimeالثلاثاء 12 يناير 2010, 4:30 pm




ي
ذكر حسين بن عجاب العوفى

انه :- من حكمة الله ـ عز وجل ـ
أنه جبل الإنسان على حاجات نفسية تساعده على البقاء،
وتحميه من الهلاك، ويتعدى دورها في أحيان كثيرة إلى
الحماية من الانحراف والضياع.




وهذه الحاجات قد تكون ظاهرة
ومعلومة للجميع، مثل: الحاجة إلى الغذاء أو الحاجة إلى
النوم ونحو ذلك؛ إلا أن الكثير من الحاجات النفسية المؤثرة
في حياة الإنسان لا تكون معلومة إلا للمتخصص مما يعظم دوره
في النفع العام وخدمة المجتمع، ويُعْظِم كذلك المسؤولية
الواقعة على كاهل كل منا في تثقيف الذات ورفع مستواها في
المجالات المؤثرة في مسيرتها في الحياة.




ومن رحمة الله بعباده أن
جعل بعض السلوكيات والعادات الإنسانية خادمة لاحتياجات
كثيرة ومتعددة في وقت واحد، بل من رحمته أن جعل هذه
الحاجات متداخلة ويشبع بعضها بعضاً.




ومن الطباع البشرية المشبعة
لاحتياجات نفسية متعددة: الأسرة؛ فهي مغذية لحاجة الأبوة
والأمومة والحب والحنان والجنس بالنسبة للزوجين، والخبرة
والتقدير والمسؤولية والسلطة الضابطة والانتماء والإنجاز؛
إلى آخر القائمة من الحاجات. وليس هدفنا من هذا المقال
تفصيلها وبيان كيفية إشباعها، بل الهدف بيان السمات
الأسرية المعينة والمحققة للدور الأسري الفعال.





ولعلنا نذكر تلك السمات على
شكل نقاط فيكــون أوضـح للمراد وأخصـــر للمقال، ولا يعني
ترتيب السمات تسلسل الأهمية، بل كل السمات مهمة، وتوافرها
متكاملة يعطينا المناخ الأسري السليم، وبحسب النقص فيها
يحصل الخلل في مناخ الأسرة:






السمة الأولى: تتسم عملية التأديب والتربية في المناخ
الأسري السليم بالإيجابية:




وجوانب الإيجابية هنا
متعددة، ومن ذلك:




1 - الحب والقبول غير
المشروط:




أخرج الشيخان عن أبي هريرة
ـ رضي الله عنه ـ قال: قَبَّلَ النبي -صلى الله عليه وسلم
- الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ فقال الأقرع بن حابس:
إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحـداً. فقال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم - : «من لا يرحم لا يُرحم»(1).





التقبيل ما هو إلا مؤشر من
مؤشرات الحب والرحمة من الوالد لولده، ودلائل هذه المحبة
كثيرة ومتعددة، والأصل ظهورها من الوالد لولده ومعرفة
الولد لها، والبعد عن وضع الشروط والمقاييس لمنح هذه
المحبة للولد. والشرط الوحيد الذي من الممكن دخوله في هذا
الأمر هو القرب والبعد عن الإسلام أو الطاعة كما في عقيدة
الولاء والبراء؛ فهذا المقياس يدخل فيه جميع الخلق سواء
كانوا من الأقارب أو الأباعد؛ ولــذا قـال الله ـ عز وجل ـ
لنوح ـ عليه السلام ـ الأب الذي يرجو ربه أن ينقذ ابنه من
الغرق: {وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ
ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإنَّ وَعْدَكَ الْـحَقُّ وَأَنتَ
أَحْكَمُ الْـحَاكِمِينَ *
قَالَ يَا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ
عَمَلٌ غَيْرُ صَالِـحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ
الْـجَاهِلِينَ * قَالَ رَبِّ
إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ
عِلْمٌ وإلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ
الْـخَاسِرِينَ} [هود: 45 - 47].




فمن القوة في التفريق
والإبعاد نفي كونه من أهله، والسبب في ذلك الفرق الاعتقادي
بين الوالد وولده.




أما في غير هذا الشرط
فالأصل أن يُعطَى الولد مطلق المحبة، ولا نقيدهـا بنجاح أو
إخفـاق، ولا بموافقـة أو مخالفة، ولا بحسن مظهر أو سوئه.
يقول الدكتور عبد الكريم بكار: «يحبنا أطفالنا؛ لأننا نقدم
لهم حباً غير مشروط، وهذا ما علينا أن نفعله؛ فالأولاد
هدية من الله ـ تعالى ـ وعلينا أن نتقبل تلك الهدية مهما
كان شأنها»(1).




ويقول الدكتور كمال دسوقي:
«يحتاج الأطفال من الناحية الانفعالية أول ما يحتاجون إلى
الشعور بالأمان العاطفي؛ بمعنى أنهم محبوبون كأفراد ومرغوب
فيهم لذاتهم وأنهم موضع حب وإعزاز الآخرين»(2).





وتقول الدكتورة هدى قناوي:
«ولا شك أن تقبُّل الطفل غير المشروط على ما هو عليه يؤثر
في فكرة الطفل عن نفسه، وتوجد علاقة وثيقة بين تقبل الذات
وتقبل الآخرين، ومن ثم يمكن القول إن تقبل الطفل على ما هو
عليه يعزز إيجابية مفهوم الفرد عن ذاته وتقبله لها وتكيفه
مع الآخرين مما يؤثر في النهاية على سلامة صحة الطفل
النفسية»)(3).




ولا يعني الحب غير المشروط
التسليم بالأخطاء، بل السعي لعلاجها بالطرق التربوية
الإيجابية مع توافر ذلك الحب.




2 - التركيز على
الإيجابيات:




يقول علماء الهندسة
النفسية: «ما تركز عليه تحصله»، وهذا الأمر ينطبق على
النظرة إلى الذات وكذلك النظرة إلى الآخرين، ومنهم أعضاء
المجتمع الأسري. فتركيز النظرة على الجوانب الإيجابية في
أعضاء الأسرة يزيل بالتدريج ـ ومن غير أن نشعر ـ الجوانب
السلبية لديهم. عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : «لا يَفْرَكْ مؤمن
مؤمنة إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر»(4)، فلا يخلو
إنسان من إيجابيات تستحق التشجيع والثناء، وهذا التركيز هو
نوع من أنواع التعزيز للصفة الإيجابية مما يوسع دائرة
الإيجابيات على حساب دائرة السلبيات. يقول الدكتور عمر
المفدى خلال كلامه عن تكوُّن مفهوم الذات لدى الأطفال:
«أما كيف تنشأ هذه الأفكار التي تشكل مفهوم الذات؟ فإنها
تنشأ من خلال ردود أفعال الآخرين تجاه الشخص أو تجاه
سلوكه؛ فالطفل الذي يكرر عليه الآخرون أنه جيد وحلو وذكي
وغيرها من الصفات الإيجابية من المتوقع أن يتجه مفهومه عن
ذاته للإيجابية؛ بينما الطفل الذي يكرر على مسامعه بأنه
طفل سيِّئ أو شرير أو غبي وغيرها من الصفات السلبية؛ فمن
المتوقع أن يتجه في مفهومه لذاته نحو السلبية»(5). ومن
مشاكل النظرة السلبية أنها لا تؤثر على المتربي أو الآخر
فقط، بل تؤثر على نفس المربي فتجعله يغفل أو لا يستطيع أن
يرى الإيجابيات، بسبب الغشاوة التي وضعها على عينيه لعدم
عدله بالتركيز؛ ويوافق هذا الأمر قول الشاعر:





وعين الرضا عن كل عيب كليلة





ولكن عين السخط تبدي
المساويا




3 - الحماية المسبقة من
السلبيات:




فالوقاية خير من العلاج،
والعلاج في القضايا التربوية والنفسية قد لا يستطيع إزالة
العلة أو المرض أو المشكلة التربوية تماماً، بل في أحيان
كثيرة لا بد من بقاء نسبة ولو قليلة من آثار ومظاهر تلك
المشكلة؛ وهنا تكمن الخطورة؛ ولذا أصبح البحث عن الدروع
الواقية والمانعة من وجود السلبيات من أقوى طرق التربية.
وعندما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم - مع عمر صحيفة
فيها شيء من التوراة غضب، وقال: «أمُتَهَوِّكون فيها يا
ابن الخطاب؟ والذي نفسي بيده! لقد جئتكم بها بيضاء نقية،
لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل
فتصدقوا به، والذي نفسي بيده! لو أن موسى ـ عليه السلام ـ
كان حياً ما وسعه إلا أن يتبعني»(6)، وما كان النبي -صلى
الله عليه وسلم - ليفعل ذلك مع مثل عمر إلا من أجل حماية
ذلك الجيل ومن بعدهم من دخول سلبيات الأمم الأخرى عليهم أو
وقوعهم في الخلل في مصدر التلقي، فكانت الشدة في أول الأمر
مع ما يُتصور أنه سهل ويسير للحماية مما هو أشد وأعظم.





ومن جوانب الحماية المسبقة
من السلبيات ما يلي:




أ - تنمية الانضباط
الداخلي:




عن ابن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ قال: كنت خلف رسول الله يوماً، فقال: يا غلام! إني
أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا
سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن
الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد
كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا
بشيء قد كتبه الله عليك، رُفِعَت الأقلام وجفَّت
الصحف»(7). في هذا الحديث يُعلِّم النبي -صلى الله عليه
وسلم - هذا الغلام الصغير قواعد أساسية في الانضباط
الداخلي يحتاج إليها الكبير قبل الصغير.




فمن أقوى جوانب تنمية
الانضباط الداخلي لدى الإنسان تقوية مراقبة الله في قلبه،
ووسائل تنمية ذلك متعددة وكثيرة، وليس هذا موضع بسطها.





ومن جوانب الانضباط الداخلي
معرفة المعايير الاجتماعية ومعايير الأسرة وغرس الاهتمام
بها وتقديرها لدى المتربي. وسيأتي الكلام عنها في السمة
الثانية.




ب - اختيار البيئة الصالحة
لأفراد الأسرة:




أمر النبي -صلى الله عليه
وسلم - أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد بهم الأذى
وفتنوا في دينهم، فكان اختياره للحبشة كبيئة جديدة
للمهاجرين معللاً بأن فيها ملكاً عادلاً لا يُظلم عنده
أحد، وبناءً على ذلك سيكون لديهم القدرة على أداء عباداتهم
والتمسك بدينهم ومنع أي مؤثر خارجي على هذا الجانب. ولم
يكتف النبي -صلى الله عليه وسلم - بتلك البيئة المناسبة
لوجود بعض السلبيات فيها، بل ما زال -صلى الله عليه وسلم
- يبحث عن بيئة أفضل من تلك البيئة، فعرض نفسه على قبائل
العرب حتى تحققت له الفرصة وبايع الأنصار وهاجر إلى
المدينة؛ ومن هناك تحققت الانطلاقة الكبرى للدين الجديد
وبلغ الآفاق، وتربى أتباعه في بيئة إسلامية صافية وسالمة
من كل سمات الجاهلية. وهذا الأسلوب ـ وهو أسلوب البحث عن
البيئة الصالحة ـ من أهم أساليب التربية الاستباقية ـ إن
صح التعبير ـ إذ فيها تربية جماعية، واختصار لجهد المربي
وبعد عن الانشغال ببُنَيَّات الطريق. فعلى رب الأسرة لكي
يحمي أسرته من السلبيات أن يختار لهم البيئة الصالحة.
والمراد بالبيئة هنا الحي والمدرسة، بل ما يشاهد وما يسمع
وما يقرأ، بل يتجاوز الأمر ذلك إلى اختيار أقارب الأسرة
الذين يستطيع رب الأسرة قبولهم أو رفضهم وهم أخوال أبنائه؛
إذ عليه أن يختار لهم أماً من بيئة صالحة تساعد أبناءه على
الاستقامة والنجاح؛ إلا أن هذا الاختيار محصور بما قبل
الزواج ومجيء الأولاد؛ فإذا تم ذلك فقد انتهى الاختيار.





4 - الاتفاق بين الأبوين
على طرق التربية وتبادل الأدوار:




فوسائل التربية متعددة وما
يناسب أسرة قد لا يناسب أخرى، والأدوار المطلوبة من كلا
الوالدين مختلفة، وعلى الوالدين تحديدها وعقد الاجتماعات
الخاصة بينهما من أجل مناقشة قضايا الأسرة، وحل المشاكل
التي قد تطرأ بينهما بعيداً عن نظر بقية أفراد الأسرة. ومن
الأخطاء التي تقع فيها كثير من الأمهات إخفاء الجوانب
السلبية لدى الأولاد عن والدهم: إما خوفاً عليهم من سطوة
والدهم، أو ظناً منها إمكانية الحل دون علمه، أو مخالفته
بسلبية هذا الجانب. ومما يقع فيه الآباء ويسبب هذه المشكلة
لدى الأمهات الشدة والغلظة الدائمة أو اللامبالاة
والانشغال عن بيته بصحبه وجلسائه أو أعماله، وتتعدى دائرة
الاتفاق الأبوين ويدخل فيها الإخوة الكبار والأقارب الذين
لهم احتكاك دائم بأفراد الأسرة.




يقول الدكتور عبد الكريم
بكار: «ولا ينبغي أن ننسى أهمية التنسيق بين باقي أفراد
الأسرة؛ فالأجداد والجدات والعمات والخالات والإخوة الكبار
يستطيعون إجهاض العديد من السياسات والجهود التربوية
للأبوين»(1)، ويقول الدكتور مأمون مبيض: «إنه لأمر معين
ونافع أن يكون لك أقرباء جيدون يسكنون بقربك؛ حيث يقدمون
لك المساعدة العملية والمعنوية، ولا شك أن هذا الدعم
المعنوي والنفسي أمر مفيد جداً؛ لأنك قد تتعرض لبعض القلق
وانشغال البال وأنت تعمل على تنشئة ولدك»(2).







السمة الثانية: تتضح فيه معايير المقبول والمرفوض:





عن وهب بن كيسان قال: أُتي
رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بطعام ومعه ربيبه عمر بن
أبي سلمة فقال: «سَمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما
يليك»(3).




وعن أبي هريرة ـ رضي الله
عنه ـ أن الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة، فجعلها في
فيه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - بالفارسية: «كخ
كخ! أما تعرف أنَّا لا نأكل الصدقة؟»(4).





في هذين الحديثين يبين
النبي -صلى الله عليه وسلم - للصغيرين معايير عليهما
الالتزام بها.




ووضوح هذه المعايير لدى
أفراد الأسرة له دور في الاستقرار النفسي كما أن له دوراً
في المشاركة العملية والإنجاز داخل الأسرة وخارجها؛ لأن
الفرد قد عرف ماله وما عليه؛ فتبين له المراد، وسهلت عليه
المنافسة، واستطاع تحقيق حاجة أساسية من الحاجات النفسية
وهي الحاجة إلى إرضاء الآخرين وإرضاء المجتمع.





يقول الدكتور حامد زهران:
«ويحتاج الطفل إلى مساعدة في تعليم المعايير السلوكية نحو
الأشخاص والأشياء. ويحدد كل مجتمع هذه المعايير السلوكية،
وتقوم المؤسسات القائمة على عملية التنشئة الاجتماعية ـ
مثل الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام وغيرها ـ بتعليم هذه
المعايير السلوكية للطفل مما يساعد في توافقه الاجتماعي.
إن الطفل يحتاج إلى المساعدة في تعلم حقوقه، وما له وما
عليه، وما يفعله وما لا يفعله، ما يصح وهو في خلوة وما يصح
وهو في جماعة، ما يصح وهو في حدود الأسرة وما يصح وهو خارج
نطاقها... إلخ. ويحتاج إشباعُ هذه الحاجة من جانب الكبار
إلى كثير من الخبرة والصبر والثبات والفهم»(5).







السمة الثالثة: له مواعيد منضبطة وقواعد واضحة:





عن أبي برزة أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم - «كان يكره النوم قبل العشاء
والحديث بعدها»(6).




وعن جابر ـ رضي الله عنه ـ
عن النبي -صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استجنح الليل ـ
أو قال: جنح الليل ـ فكفُّوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر
حينئذٍ؛ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلُّوهم، وأغلق بابك
واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك، واذكر اسم الله وأَوْكِ
سقاءك، واذكر اسم الله، وخمِّر إناءك، واذكـراسـم الله ولو
تعرض عليه شيئاً»(7).




هذا جانب من تنظيم الإسلام
للحياة الأسرية؛ وما اهتم الإسلام بهذا الجانب إلا لدوره
وأثره النفسي والتربوي.




يقول الدكتور عبد الكريم:
«من مسؤوليات الأم إشاعة النظام في بيتها، فتجعل وقتاً
محدداً لتناول وجبات الطعام، كما تجعل وقتاً لنوم الأطفال
وأوقاتاً يُنهون فيها مذاكراتهم وواجباتهم؛ إن مثل هذه
الترتيبات والتنظيمات ترسِّخ في حس الأبناء معنى الانضباط
والاهتمام بالوقت»(المناخ الاسرى السليم وسيماته Icon_cool.




ويقول الدكتور إبراهيم
الحارثي: «تَعَوَّدْ وضع قوانين لك ولأسرتك، وأشرك جميع
أفراد أسرتك في صياغة القوانين العائلية. اعقد جلسات أسرية
لمناقشة القانون الذي تضعه لحل مشكلة ما، ركِّز دائماً على
الالتزام بالقوانين الأسرية التي تضعونها جميعاً»(1).





ومن القواعد التي لا بد من
وضوحها لدى أفراد الأسرة عواقب السلوك وما يترتب عليه من
ثواب أو عقاب؛ إذ في ذلك شعور بمسؤولية الفرد عن تصرفاته
وتحمله ما يترتب عليها وتقبُّله لتلك العواقب عند وقوعها؛
إذ يشعر الكل أن ما تم هو نتيجة طبيعية ترتبت على سلوك
معين؛ فلا يترتب على العقاب الشعور بالظلم والقهر والتسلط،
ولا يترتب على الثواب الغيرة أو الشعور بتفضيل أحد أفراد
الأسرة على حساب الآخر.




ولكي تحقق هذه القواعد
والضوابط أهدافها لا بد من وجود سلطة ضابطة يشعر أعضاء
الأسرة بوجودها، وهذه السلطة حاجة أساسية من الحاجات
النفسية في الطفولة والمراهقة، والناس فيها بين إفراط
وتفريط، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم، والزيادة في السلطة
والتشديد فيها يؤدي إلى وجود الصراع بين الكبار والصغار في
الأسرة، بل ويؤدي إلى انفراط السيطرة في النهاية.





والإخلال في السلطة وعدم
القيام بها يؤدي إلى الضياع والفوضى داخل المجتمع الأسري،
والمطلوب سلطة ضابطة تجمع بين الحزم والحنان والرحمة،
وتراعي مراحل النمو وتندرج نحو الاستقلال والحرية.







السمة الرابعة: تتبادل فيه المسؤوليات والأدوار:





عن عبد الله بن عمــر ـ
رضــي الله عنهما ـ أنه ســمع رسول الله -صلى الله عليه
وسلم - يقول: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته؛ فالإمام راع وهو
مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته،
والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم
في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته. قال: فسمعت هؤلاء من
رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ، وأحسب النبي -صلى الله
عليه وسلم - قال: والرجل في مال أبيه راع وهو مسؤول عن
رعيته؛ فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»(2).





ولو تتبعنا منهجية النبي
-صلى الله عليه وسلم - في تربية أصحابه لوجدنا توزيع
المهام والمسؤوليات واضحاً وجلياً؛ فمنهم من تولى جانباً
عملياً، ومنهم من أُعد لجانب علمي، ومنهم من تولى شأناً من
شؤون النبي -صلى الله عليه وسلم - وخدمته.





والأدوار التي من الممكن
تبادلها داخل الأسرة كثيرة ومتعددة، ومن الممكن تجزئتها أو
دمجها حسب عدد أفراد الأسرة، ويأتي على رأس القائمة
الوالدان وتبادلهما للدور التربوي والقيادي في الأسرة
واتفاقهما على ذلك كما ذكر في السمة الأولى.





وإنه لمن المحزن في هذا
العصر أن تجد شباباً قد قاربوا سن الزواج ولَـمَّا
يستطيعـــوا إدارة شــؤونهــم وحوائجهــم الخاصة، فلا توجد
لديهم قدرة على بيع أو شراء، ولا إنجاز معاملة في دائرة أو
جهة، بل ولا القدرة على اختيار ما يناسبهم من ملبس ونحوه.





والفتيات ليس لديهن القدرة
على إدارة منزل من طبخ أو غسل أو تربية أو استقبال ضيوف.





يقول الدكتور مصطفى فهمي:
«يؤكد كثير من علماء النفس أهمية العمل في تكامل الشخصية؛
فهو وسيلة ومن وسائل التعبير عن الذات يحاول بها الفرد أن
يحقق أهدافه وأن يشبع رغباته وحاجاته، وأن يحيل قيمه ومثله
حقيقة واقعة، وأن يعبر عن دوافعه وصراعه وقلقه بصورة
مقبولة منه ومن المجتمع في معظم الأحيان، وهو في أثناء
التفاعل مع الوسط الذي يعمل فيه ينمو وتتكامل شخصيته
وتتحقق ذاته ويشعر بقيمته وإنسانيته(3). وذكر الدكتور عبد
العزيز النغيمشي عند كلامه عن التهيئة لتحمل المسؤولية أن
من ضمن المجالات التي تعين على ذلك المشاركة الأسرية، وعلل
ذلك بقوله: «إذ إن الأسرة كالمجتمع الصغير لها أعضاء
وأنظمة وقيادة وميزانية وبرامج وعادات، ويمكن من خلالها
ممارسة كثير من الأدوار والمسؤوليات. والأسرة هي المحضن
الأول للفرد الذي فيه يترعرع وينشأ؛ ووفق كيفية النشأة
والتربية في الأسرة تكون استقلاليته أو تبعيته وإقدامه أو
إحجامه»(4).




إلا أن إعطاء هذه الأدوار
والمسؤوليات لا بد أن يكون بتدرج وتدريب مسبق ومراقبة من
المربي لئلا يؤدي ذلك إلى نتيجة عكسية.






السمة الخامسة: يشجع المشاركة الاجتماعية:





عن أبي هريرة ـ رضي الله
عنه ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : «كل
سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس: يعدل بين
الاثنين صدقة، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو يرفع
عليها متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة يخطوها
إلى الصلاة صدقة، ويميط الأذى عن الطريق صدقة»(5).





وقال -صلى الله عليه وسلم -
: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة
أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربة فرج الله
عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره
الله يوم القيامة»(6).




إن تحميل الهم العام للأمة،
وغرس حب خدمة الآخرين وتقوية الشعور بالانتماء للمجتمع
الذي يعيش فيه الفرد كل ذلك يساعد الفرد في اكتشاف الذات،
وتحقيق الإنجاز الذي هو حاجة من الحاجات النفسية التي
يحتاج الإنسان إلى إشباعها، وهي في الوقت نفسه وسيلة من
وسائل بناء وتطوير الذات وتوسع دائرة العلاقات لدى الفرد.





ومن المجالات المتاحة في
المشاركة الاجتماعية النشاط المدرسي اللامنهجي من توعية
إسلامية، ونشاط كشفي، وجماعات النشاط الطلابي المتنوعة؛
ففي هذا المجال غرس البذرة الأولى للمشاركة الاجتماعية لدى
أفراد الأسرة ممن ينتمون إلى التعليم باختلاف مراحله، ومن
المجالات المتاحة في المشاركة الاجتماعية المؤسسات
والجمعيات الخيرية النفعية أو الدعوية أو العلمية.





وعلى الوالدين إعانة
أولادهم على المكان الأنسب لهم من بين تلك المجالات وفتح
المجال لهم للاختيار.




واندماج أفراد الأسرة في
البرامج الاجتماعية المتنوعة يساعد الأسرة في صقل شخصيات
أفرادها وقوة الارتباط الأسري، والبعد عن سفاسف الأمور
والانشغال بالترهات الملهية مما يرفع قوة الطرح في الجلسات
الأسرية، ويفتح المجال لتبني مشاريع أسرية مشتركة، بل يؤثر
تأثيراً ظاهراً في الأجيال المتتابعة من الأسرة الواحدة.





يقول الدكتور أمين أبو لآوي
مبيناً مكانة المشاركة الاجتماعية في التربية الإسلامية:
«تتجه التربية الإسلامية إلى زرع بذور التعاضد والتماسك
والتضامن في نفوس الناشئين من أجل تحقيق اتجاه العمل
الجماعي والشعور بالمسؤولية عن الجماعة؛ وذلك عن طريق
إبراز أهمية العمل المنظم والهادف إلى رصِّ الصف وتنسيق
الجهود الفردية لخدمة الأهداف العليا في المجتمع
الإسلامي»(1).






السمة السادسة: يشجع النجاح والتميز:




قال رسول الله -صلى الله
عليه وسلم - : «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من
الليل. فكان عبد الله بعدُ لا ينام من الليل إلا
قليلاً»(2).




وعن عبد الرحمن بن سمرة ـ
رضي الله عنه ـ قال: «جاء عثمان إلى النبي -صلى الله عليه
وسلم - بألف دينار حين جهز جيش العسرة فينثرها في حجره.
قال عبد الرحمن: فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم -
يقلبها في حجره ويقول: «ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم»(3).





وعن ابن عباس ـ رضي الله
عنهما ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - للأشج،
أشج عبد القيس: «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم
والأناة»(4).




ولو تتبعنا سيرة النبي -صلى
الله عليه وسلم - لوجدنا فيها مواقف متعددة لاستنفار
الطاقات وتشجيع المواهب.




وهذا الجانب يعطي الشعور
بالثقة وتقدير الآخرين للمتربي، ويقوي فاعليته وانتماءه
للجهة التي منحته الفرصة لإظهار ما لديه من قدرات، ويساعد
في تكرار النجاح والحرص عليه.




يقول الدكتور مأمون مبيض:
«من الأهمية بمكان أن يبذل الآباء بعض الجهد في تعلم
أساليب التشجيع فهو من أهم الأمور التي يمكنهم استعمالها
في التربية وهو من الأمور المؤثرة في الأنواع الأخرى من
السلوك»(5).




وتشجيع النجاح والتميز في
الأسرة لا يكون عن طريق التمييز في الحقوق بين أعضائها أو
الاهتمام ببعضهم وإهمال الآخرين، بل يكون بغرس المفاهيم
الصحيحة للنجاح، وفتح المجال للإنتاج والإبداع، وتوفير
الوسائل المساعدة على ذلك والتحفيز المدروس والصادق
الواقعي لمظاهر النجاح لدى أفراد الأسرة.







السمة السابعة: لديه أوقات للمرح والفكاهة والاستجمام:





عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ
«أنها كانت مع النبي -صلى الله عليه وسلم - في سفر قالت:
فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني،
فقال: هذه بتلك السبقة»(6).




وعنها ـ رضي الله عنها ـ
قالت: «رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه
وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكون أنا التي
أسأم، فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على
اللهو»(7).




وعن عبد الله بن شداد عن
أبيه قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في
إحدى صلاتَيِ العشاء وهو حامل حَسناً أو حُسيناً، فتقدم
رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فوضعه، ثم كبَّر للصلاة،
فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها. قال أبي: فالغاء
رأسي وإذا الصبي على ظهر رسول الله -صلى الله عليه وسلم -
وهو ساجد، فرجعت إلى ســجودي، فلما قضــــى رســــول الله
-صلى الله عليه وسلم - الصـلاة قال الناس: يا رسول الله!
إنك سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد
حدث أمر أو أنه يوحى إليك. قال: «كل ذلك لم يكن ولكن ابني
ارتحلني فكرهت أن أُعَجِّله حتى يقضي حاجته»(المناخ الاسرى السليم وسيماته Icon_cool.





وعن أبي هريرة ـ رضي الله
عنه ـ قال: قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا، قال: «إني لا
أقول إلا حقاً»(9).




إن إغناء أفراد الأسرة عن
الالتفات إلى خارج الأسرة أو البحث عمن يشبع حاجة من
حوائجهم أمر مهم، وعلى قائد الأسرة الاهتمام به. والمرح
والفكاهة والاستجمام من الأشياء المهمة المهملة من الكثير
من الآباء لعدم الاقتناع، أو لكثرة مشاغله، وقد اعتبر
الكثير من التربويين اللعب والمرح وسيلة من وسائل التربية،
بل أُلِّف في ذلك كتب متعددة ورسائل متخصصة.





يقول خالد العودة: «للترويج
دور مهم في التربية الخلقية والروحية إضافة إلى دوره في
الجوانب الأخرى، والأسرة محتاجة إلى اللعب والترويح حاجة
أساسية كحاجتها للطعام والشراب أحياناً»(10).





ووسائل الترويح في الأسرة
المسلمة متعددة، ومن ذلك المداعبة والمزاح والنزهة والرحلة
الأسرية، وتوفير لعب الأطفال الهادفة، والتجمعات العائلية،
وزيارة المتاحف والمعارض المفيدة، وتوفير الكتب والأشرطة
السمعية والمرئية وبرامج الحاسب الآلي التعليمية
والترفيهية ووسائل الإعلام؛ إلى آخر القائمة من الوسائل
التي بإمكان الأب توفيرها لأسرته وفق الضوابط الشرعية.





يقول خالد العودة: «وإدارة
الترويح المنزلي تتميز بكونها شأن أسري خاص يصعب التحكم
فيه من خارجها، ولذا تزداد مسؤولية الوالدين في اختيار
الأنماط والتطبيقات المناسبة»(1).






السمة الثامنة: يتسم بالمرونة ومراعاة الظروف:





الأسرة محضن تربوي يستمد
مكانته من النصوص الشرعية التي هــي بدورهــا منضبطة
بقواعـد مــن ضمنها: «لا ضرر ولا ضرار» و «المشقة تجلب
التيسير» وعدم المؤاخذة عند الجهل أو النسيان أو الإكراه.





ولا يخلو عضو من أعضاء
الأسرة من ظروف تمر به وتمنعه من تحقيق الأهداف العامة
للأسرة من مرض ومشاغل وتعكُّرِ مزاجٍ وقلة ذات اليد، ونحو
ذلك.




فلا يعني وجود خطط أو أهداف
أو اتفاقيات محددة داخل الأسرة أن نكون صارمين في تحقيقها؛
فقد تضطر الأسرة لتأجيل بعض برامجها أو إلغائها، أو قد
تضطر للتعامل بطريقة معينة مع أحد أفرادها؛ لأنه يمر
بمرحلة نمو معينة، أو قد تتنازل الأسرة عن بعض مطالبها
لصعوبات مالية تمر بها.




ولو تتبعنا سنة النبي -صلى
الله عليه وسلم - في ذلك لوجدنا اليسر والسهولة والبساطة.





عن أنس ـ رضي الله عنه ـ
قال: «كان النبي -صلى الله عليه وسلم - عند بعض نسائه،
فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي
النبي -صلى الله عليه وسلم - في بيتها يد الخادم فسقطت
الصحفة، فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم - فلق
الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة،
ويقول: غارت أمكم. ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند
التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسِرت
صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسَرَت»(2).





قال أنس ـ رضي الله عنه ـ:
«كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس
خُلُقاً، فأرســـلني يوماً لحـــاجــة فقلت: واللــه! لا
أذهب، وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله -صلى الله
عليه وسلم - قال: فخرجت حتى أمرَّ على صبيان وهم يلعبون
في السوق؛ فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قابض
بقفاي من ورائي، فنظرت إليه هو يضحك، فقال: يا أُنَيْسُ!
اذهب حيث أمرتك! قلت: نعم أنا اذهب يا رسول الله! قال أنس:
واللهِ لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين ما علمت قال لشيء
صنعتُ: لِمَ فعـلتَ كذا وكذا، ولا لشيء تركتُ: هلاَّ فعلتَ
كذا وكذا!»(3).




ولا يعني ذلك اللين أو
المداهنة في المحرمات، بل على رب الأسرة حمايتها من كل ما
يخالف الشرع، والإنكار على من وقع في منكر منهم مع اعتبار
الآداب الشرعية في ذلك.




عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ
أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا:
ومن يكلم فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالوا:
ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله -صلى الله
عليه وسلم - ؟ فكلمه أسامة فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم - : «أتشفع في حد من حدود الله؟ ثم قام فاختطب، ثم
قال: إنما أهلكَ الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم
الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد،
وايم الله! لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(4).





ومن المرونة في الحياة
الأسرية النظرة الإيجابية للمشكلات؛ فلا يخلو تجمع بشري
منها. والإيجابية هنا في تقبُّل وجود المشكلة، وأنها أمر
طبيعي لا يعني انتهاء العلاقة الأسرية أو فسادها. ومن
الإيجابية في النظرة إلى المشكلات الأسرية السعي لعدم
ترسبها في الأسرة واستغلالها كحدث تربوي.







السمة التاسعة: يسود فيه الأدب والاحترام المتبادل:





عن ابن عباس ـ رضي الله عنه
ـ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - : «ليس منا من
لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ويأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر»(5).




يتصور الكثير من الناس أن
الأدب والاحترام عندما يُطلق يراد به احترام الأصغر لمن هم
أكبر منه سواء كان ذلك في العمر أو في غيره؛ مع أن
الاحترام قضية تبادلية لا يمكن أن توجد من الإنسان تجاه من
لا يحترمه، ولكي يكون الاحترام سمة من سمات أسرنا علينا أن
نسعى لتوفير سمات المناخ الأسري السليم في أسرنا؛ إذ
بتوفيرها يشعر عضو الأسرة بالانتماء إليها والحرص على
مصالحها ومحبته لأعضائها، وعلينا كذلك أن نحرص على توفير
أمرين مهمين لهما أثرهما في الاحترام المتبادل.





أ - العدل بين أفراد
الأسرة:




في الحقوق والواجبات وعدم
إشعار أحد منهم أن غيره مقدم عليه أو أفضل منه.





يقول الدكتور عادل رشاد:
«إن عطاءنا لأبنائنا يجب أن يكون متوازناً بشكل عام؛ فلا
ينبغي أن يشعر الأبناء بأنك تفضل بعض أطفالك على بعضهم
الآخر، وأي اختلال لهذه القاعدة كفيل ببعث الغيرة
والكراهية ومن ثَم تهيئة أسباب النزاع بين الإخوة»(6).
ويقول مجاهد ديرانية: «إن التفضيل في المحبة بين الأولاد
خطأ فادح؛ أما إظهار ذلك والتصريح به فهو خطيئة، بل هو
جريمة لا تغتفر ولا تعود أضرار ذلك على المفضولين فقط بأن
ينشؤوا ساخطين أو معقَّدين، بل إن الضرر يكون أوسع من ذلك؛
بحيث يسود بين الإخوة أنفسهم روح الحسد والضغينة ومشاعر
الكره المتبادل»(7).




وهذا العدل لا يكون في
العطاء أو العاطفة فقط، بل حتى بالتكليف والمطالبة
بالمشاركة في أعمال الأسرة؛ فبعض الآباء يركز على أحد
أبنائه لسرعة استجابته أو لإتقانه العمل، ويظهر ذلك في
تركيز الوالدين على الابن الأول أو البنت الأولى، فتجد
هذين يقومان بالكثير من أدوار الوالدين في الأسرة، وهذا
الأمر يؤدي إلى سلبيات تربوية متعددة من أقلها الحقد
والكره بين الإخوة؛ فالمكلف بالعمل يرى أنه قد أثقل عليه
بالعمل وفتح المجال للآخرين للهو وإنجاز ما يريدون من
أعمال، والآخرون يرون أن والديْهم لا يثقان بهم كما يثقان
بالمكلف بالعمل.




ب - فتح باب الحوار داخل
الأسرة:




إن تنفيذك للأمر وأنت مقتنع
فيه لا شك أنه سيكون أفضل وأتقن مما لو فعلته بالإكراه
وقوة السلطة. ومن المحال أن يتقبل الإنسان فكرة من الأفكار
عن طريق الإكراه والسلطة التعسفية حتى لو أظهر خلاف ذلك
تجنباً للضرر الذي قد يلحق به عند المخالفة، ولا يقف الأمر
عند هذا الحد، بل يؤدي إلى التفكك ونشوء النجوى والثللية
داخل الكيان الواحد، ولذا فمن الخير للأسرة ولكي تسود فيها
الشفافية والجماعية في اتخاذ القرار أن يفتح فيها باب
الحوار لنقاش المشكلات.




يقول سلمان خلف الله:
«للحوار قيمة حضارية وإنسانية، وعلينا أن نعمل ونأخذ به في
حياتنا وممارساتنا التربوية والأسرية، ويجب أن تؤمن به كل
أمة. والحوار يخلق التفاعل الدائم بين الطفل من ناحية وبين
المنهج والمعلم من ناحية أخرى؛ فلا بد أن يوصل الحوار إلى
كشف الحقيقة وخاصة إذا كانت غائبة؛ فهو الوسيلة المهمة في
بناء شخصية الطفل كفرد وكشخصية اجتماعية، وهو يخلق أيضاً
روح المنافسة بين الأطفال، فيحملهم على الدخول في ميادين
المناقشة العلمية. وكذلك يثبت فيهم روح الجماعة والتعاون،
ويبعد عنهم الأنانية وحب الذات المفرط، ويبث فيهم روح
الألفة والمحبة، ويعودهم على النظام والتعاون، ويساعد على
الابتكار واحترام الطفل لذاته»(1).




ومن صور الحوار التي أدت
إلى المحبة والألفة والاقتناع، ومنعت من التمادي في الخلل
ما رواه أبو أُمامة قال: «إن فتى شاباً أتى النبي -صلى
الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! ائذن لي بالزنا!
فأقبل القوم عليه فزجروه قالوا: مَهْ مَهْ! فقال: ادْنُهْ!
فدنا منه قريباً قال: فجلس. قال: أتحبه لأمــك؟ قال: لا،
والله! جعلنـي فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.
قال: أفتحبــه لابنتك؟ قال: لا، والله! يا رسول الله!
جعلني الله فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال:
أفتحبه لأختك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا
الناس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا،
والله! جعلني فداءك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال:
أفتحبه لخالتك؟ قال: لا، والله! جعلني فداءك. قال: ولا
الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم
اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصِّن فرجه! فلم يكن بعد ذلك الفتى
يلتفت إلى شيء»(2).




فلو تعسف النبي -صلى الله
عليه وسلم - ـ وحاشاه ذلك ـ لما حصلت هذه النتيجة
الجميلة.




ومشكلة الكثير من المربين
مع الحوار هو عدم معرفة آدابه وأساليبه، بل إن الكثير من
صور الحوار لدينا تنقلب إلى موعظة أو تحقيق أو مناظرة، ومع
ذلك نظن أننا نؤدي الكم والكيف المطلوب من الحوار مع من
نربي، وأن الخلل أتى من قِبَلهم وليس من قِبَلنا. يقول
الدكتور عبد الكريم بكار: «لم تترسخ بعدُ تقاليد الحوار
الصحيح في حياتنا الاجتماعية والأسرية، ولهذا فإن من
الملاحظ أننا كثيراً ما نبدأ حديثنا مع من نربيهم من أبناء
وطلاب على أنه محاورة تتجلى فيه النِّدِّية، ثم ينتهي إلى
أن يكون مناظرة خشنة يملى فيه الرأي إملاءً مباشراً؛ فهل
نتخذ من العثور على طريقة جديدة في التفاهم هدفاً نسعى
إليه؟»(3).






السمة العاشرة: يشعر كل فرد فيه بالانتماء والاندماج
والتحمس لتحقيق أهداف الآخرين والتعاون معهم:





هذه السمة هي نتيجة لتوفر
السمات السابقة ومن الغريب أن يطالب بعض المربين مَنْ تحت
يده بهذا الأمر وهو قد فرط بالأمور السابقة. وجزء من هذه
السمة هو حاجة نفسية أساسية لا بد من إشباعها وإلا أدى ذلك
إلى العزلة والشعور بالوحشة والاغتراب. يقول الدكتور أحمد
راجح: «يزداد شعور الفرد بالأمن والتقدير الاجتماعي كما
يزداد اعتداده بنفسه واعتزازه بها حين ينتمي إلى جماعة
قوية يتقمص شخصيتها، ويوحد نفسه بها كالأسرة القوية، أو
النادي، أو النقابة، أو الشركة ذات المركز الممتاز، وتنبت
هذه الحاجة في أحضان الأسرة من علاقة الطفل بأمه وأفراد
أسرته، ثم تعززها أو تحبطها بعد ذلك التجارب التي يمر بها
الفرد، ومتى أرضيت هذه الحاجة وشعر الفرد بالانتماء إلى
جماعة معينة زاد ولاؤه لها وشعوره بأنه جزء منها يصيبه ما
يصيبها على أن إرضاءها يتوقف على تقبُّل الجماعة للفرد؛
لأنه يعمل من أجلها، وعلى تقبُّل الفرد للجماعة؛ لأنها
تُرضي حاجاته ومطالبه»(4). وتقول الدكتورة هدى قناوي:
«المرء في حاجة إلى أن يشعر بأنه فرد من مجموعة تربطه بهم
مصالح مشتركة تدفعه إلى أن يأخذ ويعطي، وإلى أن يلتمس منهم
الحماية والمساعدة؛ كما أنه في حاجة إلى أن يشعر بأنه
يستطيع أن يمد غيره بهذه الأشياء في بعض الأحيان»(5).





وعندما يتحقق الشعور
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المناخ الاسرى السليم وسيماته
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
روضة صلاح الدين الدسوقى التجريبى لغات :: ملتقى المجالات التسعة بالمعايير القياسية :: المناخ التربوى-
انتقل الى: